منظمة إيمان العالمية
تعزيز الحوار • تحدي التطرف • جلب التغيير

النائب البريطاني ستيف بايكر ينشر ملاحظات عن زيارته الى القاهرة في الموقع الالكتروني للمحافظين

السبت, 6 آب 2011

برعاية مؤسسة ايمان لحوار الاديان والحضارات قام النائب في البرلمان الاوروبي سيد كمال وانا بزيارة هذا الاسبوع الى القاهرة بهدف العمل على تعزيز التعددية ومبادىء المجتمع الحر، واقمنا ندوتين كان لهما صدى ايجابي عن الديمقراطية والحرية والتسامح، توجهت الاولى الى شخصيات سياسية واكاديمية بارزة فيما توجهت الثانية الى الناشطين السياسيين الشباب. الى جانب ذلك عقدنا لقاءات مع عدد من الشخصيات السياسية المصرية. وجاءت الندوتان عقب النشاطات التي قام بها سيد كمال في شاطىء العاج بالاستناد الى كتيّب "مبادىء المجتمع الحر" وهو من تأليف الاكاديمي البريطاني الدكتور نيغيل اشفورد.

في مصر يبلغ عدد الاحزاب السياسية العاملة حوالي 28 الى جانب ما يزيد عن المئة منظمة سياسية مسجلة، غير ان العديد منها تتمحور حول الاشخاص، بدل الافكار السياسية. قد يكون الامر طبيعياً في ديمقراطية ناشئة لكنه قد يؤدي الى انقسامات حادة بين الاحزاب وفي داخلها. على سبيل المثال يضم حزب التجمع الماركسيين والليبراليين والعلمانيين والمسيحيين والمسلمين، وهم يجتمعون حول برنامج قائم على فكرة المساواة قد تتخطى بمضمونها المعنوي والسياسي والقانوني متطلبات المجتمعات الحرة بحدها الادنى.

تعتبر المشاركة الضعيفة في الحياة السياسية مشكلة هامة وهناك فكرة سائدة بأن الوقت ضيق جداً ولا يسمح بمشاركة الافكار السياسية مع الشعب وترسيخها لديه قبل اجراء الانتخابات، فتجد الاحزاب السياسية المتعددة نفسها عاجزة ازاء هذه المشكلة. ولاحظ الاشخاص الذين التقيناهم ان حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين هو القوة السياسية الاكثر تنظيماً وقوة، كما ان مشاريع الخدمات الاجتماعية التي ينفذونها تجعلهم يحتلون مواقع متقدمة في قلوب وعقول المصريين بالمقارنة مع منافسيهم.

بالاضافة الى ذلك يوجد انقسام بين النخب القديمة التي تستمر في شغل المواقع القيادية، وبين الناشطين الشباب الذين يجمعون ما بين التفاؤل الكبير جداً والتوق الى الافكار الجديدة من ناحية وبين العجز عن العمل المنظم وتحقيق مطالبهم من ناحية اخرى. ان سيطرة الفقر والامية الى جانب الدين، او على الاقل الاحترام الذي تكنّه شرائح كبيرة للزعماء الدينيين، تساهم في تعزيز موقع حزب الحرية والعدالة التابع للاخوان المسلمين.

لذلك فيما يخشى كل من النخب المعتدلة والشباب المتفائل فوزاً شعبياً للاسلام السياسي هم عاجزون لغاية الآن عن تكوين قوة موازنة له. امام هذا الواقع قدمنا ثلاثة اقتراحات هامة وما تبقى لدينا من نسخ من كتاب اشفورد.

الاقتراح الاول: التفكير بأنه يمكن التخفيف من مخاطر الديمقراطية مثل طغيان الاغلبية والغوغائية والمصالح الخاصة بواسطة حكم القانون وحماية حقوق الافراد والحد من سلطة الدولة واجراء انتخابات حرة ونزيهة بصورة دورية.

الاقتراح الثاني: اعتبار الحرية فرصة للافراد كي يتصرفوا وفق ارادتهم شرط الاّ يلحقوا الضرر بسواهم. الحرية ليست موازية للسلطة وهي لا تعني الخضوع للنظام الاجتماعي والاهداف التي تسعى الى تحقيقها الطبقة الحاكمة المسيطرة، ولا تعني الحق في قمع الآخرين. الحرية تعني العمل من اجل مصالح الجميع واحلال النظام والازدهار والتطور بصورة تلقائية.

الاقتراح الاخير: التسامح لا يعني قبول افكار الآخرين بل الامتناع عن استعمال القوة ضد الذين يختلف معهم المرء اختلافاً عميقاً. التسامح لا يعني غياب الاخلاق ولا يعني انه تعبير عن الاخلاق غير الموضوعية، بل انه نتيجة للاخلاقيات المتعايشة والواقعية والموضوعية التي تشكل موضوعاً خلافياً فعلياً. ان التسامح هو تعبير هام عن الالتزام بالحرية الشخصية، وهو ليس عبارة عن التطبيق القانوني لاجماع معين على افكار تعتبر مقبولة.

لدى عودتي الى المملكة المتحدة كانت لدي قناعة بأمرين. ان مصر تتأرجح بين رفض [وقبول] الديمقراطية الليبرالية العلمانية التي قد تؤدي الى الحرية، وفي الرفض تخلٍّ عن جوهر الثورة. اضف الى ذلك انه لدى مراجعتي مبادىء المجتمع الحر ترسخت لدي القناعة بانه رغم كل ما نتمتع به من حرية وازدهار نسبيين، لا يمكن النظر الى المملكة المتحدة على انها تجسد مبادىء المجتمع الحرعلى نحو ثابت رغم ان الاسس الفكرية للعديد من هذه المبادىء نابعة من بيئتنا.

هذا وصدر عن الوزير البريطاني لشؤون الشرق الاوسط النائب اليستسر بيرت التعليق التالي على ملاحظات زميله بايكر:

"انا ممتنّ لستيف الذي ادلى بهذه الملاحظات وهي تلخص الى حد كبير قسماً من وضع شديد التعقيد. لقد اتيحت لي الفرصة انا ايضاً بزيارة القاهرة الاسبوع الماضي حيث اجريت مباحثات مع وزير الخارجية الجديد وممثلين عن الاحزاب السياسية الجديدة ورجال الاعمال. لقد وجدت حالة من الارباك بشأن المستقبل، غير ان جهوداً كبرى تبذل من اجل ايجاد قواسم مشتركة وهذا ما يفسر سلمية المظاهرة الضخمة في ساحة التحرير نهار الجمعة حيث سبقتها مناقشات مكثفة اجرتها الاحزاب المعنية خلال عدة ايام.

ويبقى موقف الجيش المصري متماسكاً رغم ان امامه معضلات كبرى يتوجب عليه حلها ويدركها معظم الناس ولو لم يستفيضوا في الحديث عنها. وفيما يقوم الجيش بمراقبة الوضع حالياً، والحمد لله لم يتخذ المسار الذي سلكه الجيشان الليبي والسوري، ينبغي ان يقوم بنقل السلطة السياسية دون المخاطرة باسترجاع الماضي، ويعود القرار بهذا الخصوص الى كل من الجيش والشعب في مصر.

ان هذه الشهادات الصادرة عن زملاء من جميع الاحزاب، وعن شخصيات اخرى تزور مصر تساعد الوزراء على فهم الاحداث الاستثنائية الجارية في العالم العربي بصورة افضل، لذلك اني اتطلع الى الاستماع الى المزيد من الشهادات من ممثلي الشعب قبل نهاية العطلة.

على فكرة، تبدو ساحة التحرير حالياً مكاناً استثنائياً رائعاً يبعث على البهجة. لقد قمت بزيارتها منتصف ليل الاربعاء دون اعلان عن هويتي، فوجدتها تغص بآلاف الناس الذين تجمعوا كل في اماكنهم تحت الخيم المنصوبة وكان الجميع يشارك في نقاشات حادة لكن سلمية. لم الحظ اي خطر عليّ كشخص دخيل يتجول فيما بينهم كما لم القَ اي اعتراض من قبل الاشخاص المسؤولين عن الحواجز الامنية الذين يتحققون من الداخلين الى الساحة. من الصعب ان نتخيل اي مكان مماثل في العالم يسوده هذا الهدوء.

روابط ذات صلة

المزيد من المقالات الاخبارية